في داخل اغلبنا مدينه سكانها نحن وتفاصيللنا القديمه واحبة يعيشون بنا لا نحن نكبر ولا هم يكبرون.
اطفالنا متى كبروا؟
متى غادروا أمهادهم؟
متى القوا ب الحليب بعيدا عنهم؟
متى تخلصوا من عقد في الظلام ومتى تغيرت اذواقهم واختياراتهم لالعابهم متى استبدلوا محلات الحلوى لمحلات الملابس والاحذيه والعطور.
متى اختلفت نوعية اطعمتهم وادمنوا ارتياد المطاعم المختلفه متى نوعوا الوان ملابسهم وتخلصوا من الوانهم الزرقاء والزهرية.
متى ازدادت مقاسات قمصانهم واحذيتهم وأغطية اسرتهم متى اصبحت أسرتهم اكثر طولا ووسائدهم اكبر حجما متى اصبحوا اكثر وزنا منا وطولا واطول قامة عنا.
متى تحولت قصصهم الصغيره ذات الخيال الجميل الى روايات ادبيه عميقه الفكر متى أدمنو استخدام الهواتف المتحركه واصبحوا يرتادون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي.
متى اصبح لديهم اصدقاء مقربين وهوايات وحكايات واسرار يحرصون على اخفائها متى تسللوا من اسوار الطفولتهم بكل هذه السرعه واغلقوا بوابة البراءه خلفهم.
كيف لم نلحظ العمر الذي مر عليهم والعمر الذي مر علينا لماذا مازلنا نحن كما نحن لماذا لم نغادر مرحله الطفوله والصبا كل هذه السنوات.
لماذا مازالت أتربة الطرقات القديمه عالقه في اصابع اقدامنا لماذا مازالت رائحه الطباشير المدرسيه تملا ايادينا لماذا مازلنا نهفو إلى حكايه دافئه وفارس وعاطفه نبيله.
لماذا ما زلنا نتمسك بهوايات عتيقه وقيم انقرضت منذ زمن بعيد لماذا ما زالت هواياتنا هي هواياتنا ومفضلاتناهي مفضلاتنا والواننا هي الواننا.
لماذا لما تخلص من صداقه الكتب والمكتبات ودور الشعر لماذا مازلنا نعشق الامس و نفرح لكل قادم من ماضينا لماذا مازلنا نفرح لرؤيه البالونات الملونه ونبتسم لرؤية الطائره في السماء.
لماذا مازلنا نحتفظ في بقصاصاتنا الورقية والعالم يضج بالتكنولوجيا لماذا مازلنا نشعر بالخجل حين نحب ونرتبك عند رؤيه من نحب لماذا مازلنا نرفض ان نغادر اعماقنا ونغلق بقوه ابواب حكايه انقضت.
لماذا ما زلنا نكتب عن الماضي و عن الحب وعن الحنين لماذا لم نكبر على اسوار الفل والياسمين ولماذا ما زلنا نظن ان القديم انقى واجمل وأوفى؟
نعم نحن نسير في ركب الزمن مع البشر كما يسيرون ونحن نتغير كما يتغيرون نحن نقل طولاً وحجماً كلما كبرنا كما يقلون ونحن نفقد الكثير من الصحه و من القوه مع الايام كما يفقدون.
ونحن ننحني ونصتبغ بالبياض ونكبر كما يكبرون لكننا ما زلنا نحتفظ في دواخلنا بتلك المدينه و تلك الطرقات وتلك الوجوه واولئك الرفاق الذين يحتفظون باعمارهم القديمة بنا ولا يكبرون ابداً.
ففي دواخلنا مدن معتقه كلما كبرنا اكثر كلما تعلقنا بها اكثر فتلك المدن الداخلية هي اوطان اخرى لكنها مختلفه عن اوطاننا الخارجيه وهي تبقى كما هي لا تتقدم و لا تتطور ولا يتكاثر شعبها مهما مر عليه و علينا الزمن.