قسم كبير من الأشياء التي نمارسها في الحياة نفعلها لأجل الناس لا لأجل أنفسنا وعندما تدعى لوليمة عرس فتلبس أحسن ثيابك إنما تفعل ذلك لأجل لفت انتباه الناس وجذب إعجـاهم لالأجل لفت انتباه نفسك وتفرح إذا لاحظت أنهم أعجبوا بجمال هيئتك أو رونق ثيابك.
أو عندما تدعو أصحابك إلى طعام ألا ترى أن زوجتك وربما أنت تعتني بترتيب الطعام وتنويعه أكثر من العادة بلى وكلما زادت أهمية هؤلاء الأصحاب زادت العناية بالطعام وكم تكون سعادتنا غامرة عندما يثني أحد على لباسنا أو ديكورات بيوتنا أو لذة طعامنا وقد قال (صلى الله عليه و سلم):” وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه “
أي عامل الناس بما تحب أن يعاملوك كيف؟! رأيت على صاحبك ثوباً جميلاً انتبه له أثن عليه أسمعه كلمات رنانة ما شاء الله ! ما هذا الجمال!! زارك يوماً فشممت من ثيابه عطراً فواحاً جميلاً أثن عليه تفاعل معه كن لماحاً فهو ما وضع الطيـب إلا لأجلك ردد عبارات جميلة: ما هذه الروائح ما أحسن ذوقك دعاك شخص لطعام أثن على طعامه فإنك تعلم أن أمه أو زوجته أو أخته وقفت ساعات في المطبخ لأجلك.
(لكن انتبه لا تبالغ حتى لا يشعر أنه استهزاء) حضرت في مجلس عام فسمعت أحد يتكلم مع الحاضرين بانطلاق وقد أحيا المجلس وأسعد الحاضرين أثن خذ بيده إذا قمتم قل له : ما شاء الله ما هذه القدرات بصراحة ما ملح المجلس إلا حضورك عليه جرب افعل ذلك فسوف يحبك.
رأيت موقفاً جميلاً لولد مع أبيه قبل يده قرب إليه نعليه أثن على الولد كن لماحاً لبس ثوباً جديداً أثن عليه كن لماحاً . زرت أختك .. رأيت عنايتها بأولادها كن لماحا أثن عليها.
قد تقول : هذه أمور عادية صحيح لكنها مؤثرة، كلهم بلا شك ينتظرون منك كلمات كن كما يتوقعون التحكم بعواطف الناس وكسب محبتهم سهل جداً لكننا في أحيان كثيرة نغفل عـن ممارسـة مهارات عادية نكسبهم بها ولا تعجب إن قلت إن صاحب الخلق العظيم (صلى الله عليه و سلم) كان يمارس هذه المهارات وأحسن منها.
في أول سنين الإسلام لما ضيق على المسلمين في دينهم بمكة وهاجروا إلى المدينة تركوا ديارهم وأموالهم قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة مهاجراً وكان في مكة تاجراً ممكناً لكنه جاء المدينة فقيراً معدماً كحل سريع للمشكلة آخى النبي (صلى الله عليه و سلم) بين المهاجرين والأنصار.
آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع الأنصاري كانت نفوسهم سليمة وقلوبهم صافية فقال سعد لعبد الرحمن : أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالاً فأقسم مالي نصفين فخذ نصفه وأبق لي نصفه ثم خشي سعد أن عبد الرحمن يريد أن يتزوج ولا يجد زوجة فعرض عليه أن يزوجه فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك ذلني على السوق!!
صحيح عبد الرحمن ترك ماله في مكة واستولى عليه الكفار لكنه كان ذا عقل راجح وخبرة تجارية واسعة دله سعد على السوق فذهب فاشتری وباع فريح يعني اشترى بضاعة بالآجل ثم باعها حالة فصار عنده رأس مال تاجر فيه وكان يتقن فن البيع والشراء والمماكسة حتى جمع مالاً فتزوج.
وقال: يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار عجب النبي (صلى الله عليه و سلم) كيف استطاع أن يتزوج وهو حديث عهد بهجرة!! فقال: ” فما أصدقتها ؟ ” فقال : وزن نواة من ذهب فأراد ( صلى الله عليه و سلم ) أن يزيد من فرحته فقال ” أولم ولو بشاة”ثم دعا له النبي (صلى الله عليه و سلم).
بالبركة في ماله وتجارته فحلت البركة عليه قال عبد الرحمن وهو يصف كسبه وتجارته: فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً وفضة وكان (صلى الله عليه و سلم) لماحاً حتى مع الضعفاء والمساكين يشعرهم بقيمتهم يجعلهم يحسون أنه منتبه لهم وأنهم مهمون عنده وأنه يقدر لهم أعمالهم التي يقومون بها مهما كانت متواضعة.
فإذا افتقدهم ذكرهم بالخير وتلمح أعمالهم فتشجع الآخرون أن يفعلوا كفعلهم كان في المدينة امرأة سوداء مؤمنة صالحة كانت تكنس المسجد كان (صلى الله عليه و سلم) يراها أحياناً فيعجب بحرصها مرت أيام ففقدها رسول الله (صلى الله علیه و سلم) فسأل عنها ؟ فقالوا: ماتت يا رسول الله.
فقال : أفلا كنتم أذنتموني فصغروا أمرها وأنها مسكينة مغمورة لا تستحق أن يخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه و سلم) وقالوا أيضاً: ماتت بليل فكرهنا أن نوقظك فحرص (صلى الله عليه و سلم) على أن يصلي عليها فعملها وإن رآه الناس صغيراً فهو عند الله كبير ولكـن كيف يصلي عليها وقد ماتت ودفنت ؟! قال (صلى الله علیه و سلم):
دلوني على قبرها فمشوا معه حتى أوقفوه على قيرها دلوه فصلى عليها ثم قال (صلى الله عليه و سلم) : إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم فبالله عليك ما هو شعور من رأوه (صلى الله عليه و سلم) ينتبه إلى هذا العمل الصغير من امرأة ضعيفة كيـف سيكون حماسهم للقيام بمثل فعلها وأعظم دعني أهمس في أذنك: نحن في مجتمع لا يقدر أحياناً مثل هذه المهارات فانتبه !! لا يطفئ حماسك فريق من الثقلاء الغلاظ الذين مهما تحت ما عندهم من لطائف.