الناس يكرهون الانتقاد لكن إن احتجت إليه فغلفه بغلاف جميل ثم قدمه للآخرين وقدمه في صورة اقتراح أو بأسلوب غير مباشر أو بألفاظ عامة كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم)إذا لاحظ خطأ على أحد لا يواجهه به وإنما يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا.
في يوم من الدهر أقبل ثلاثة شباب متحمسين إلى المدينة النبوية كانوا يريدون معرفة كيفية عبادة النبي عليه الصلاة والسلام.
سألوا أزواج النبي (صلى الله عليه و سلم) عن عمله في السر فأخبرتهم زوجات النبي (صلى الله عليه و سلم) أنه يصوم أحياناً ويفطر أحياناً.
وينام بعضاً من الليل ويصلي بعضه فقال بعضهم لبعض: هذا رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
ثم اتخذ كل واحد منهم قراراً ! فقال أحدهم: أنا لن أتزوج أي سأبقى عزباً متفرغاً للعبادة وقال الآخر: وأنا سأصوم دائما كل يوم وقال الثالث:
وأنا لن أنام الليل أي سأقوم الليل كله فبلغ النبي (صلى الله عليه و سلم) ما قالوه فقام على منبره فحمد الله والني عليه ثم قال:
ما بال أقوام !! (هكذا مبهما، لم يقل ما بال فلان وفلان)ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وفي يوم آخر لاحظ النبي (صلى الله عليه و سلم) أن رجالاً من المصلين معه يرفعون أبصارهم إلى السماء في أثناء صلاتهم وهذا خطأ فالأصل أن ينظر أحدهم إلى موضع سجوده.
فقال (صلى الله عليه و سلم): ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا يفعلونه فلم يفضحهم أو يسمهم بأسمائهم وإنما قال:
لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم وكانت بريرة جارية أمة مملوكة في المدينة أرادت أن تعتق من الرق فطلبت ذلك من سيدها فاشترط عليهـا مالا تدفعه إليه فجاءت بريرة.
إلى عائشة تلتمس منها أن تعينها بمال فقالت عائشة: إن شئت أعطيت أهلك ثمنك فتعتقين لكن يكون الولاء لي فأخبرت الجارية أهلها فأبوا ذلك.
وأرادوا أن يربحوا الأمرين ثمن عتقها وولاءها !! فسألت عائشة النبي (صلى الله علیه و سلم) فعجب (صلى الله عليه و سلم) من حرصهم على المال ومـعهم للمسكينة من الحرية !!
فقال لعائشة: ابتاعيها .. فأعتقيها .. فإنما الولاء لمن أعتق أي الولاء لك ما دام أنك دفعت المال ولا تلتفتي إلى شروطهم فهي ظالمة.
ثم قام رسول الله(صلى الله عليه و سلم)على المنبر فقال: ما بال أقوام (ولم يقل آل فلان)يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله.
فليس له وإن اشترط مائة شرط نعم هكذا لوح بالعصا من بعيد ولا تضرب بها فما أجمل أن تقول لزوجتك المهملة في نظافة بيتها: البارحة تعشينا عند صاحبي فلان.
وكان الجميع يثني على نظافة منزله كن نحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث ولا تكن كالذباب يتتبع الجروح !!