ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺎﺭﺍﻥ ﻳﻌﻴﺸﺎﻥ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ.
ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﺪﺭﺳًﺎ ﻣﺘﻘﺎﻋﺪًﺍ وﻛﺎﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻛﻴﻠًﺎ ﻟﻠﺘﺄﻣﻴﻦ ﻭ ﻟﺪﻳﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ.
ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺯﺭﻉ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺘﻪ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻳﻌﻄﻲ ﻛﻤﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺗﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻄﻬﺎ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻤﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺗﻪ ﻭﺭﻋﺎﻫﺎ ﺟﻴﺪﺍ.
ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﺑﺴﻴﻄﺔ ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺪﻭ ﺟﻴﺪﺓ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﻛﻴﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻛﺘﻤﺎﻟًﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﺧﻀﺮﺍﺭًﺍ ﻭﻧﻀﺎﺭﺓ .
ﻭﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ، ﺟﺎﺀﺕ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ، ﻓﻬﻄﻠﺖ ﺃﻣﻄﺎﺭ ﻏﺰﻳﺮﺓ ﻭﻫﺒﺖ ﺭﻳﺎﺡ ﻗﻮﻳﺔ.
ﻭﺣﻴﻦ ﺣﻞ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﺧﺮﺝ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﺘﻔﻘﺪﻭﺍ ﻣﺎ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺿﺮﺍﺭ
ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﻘﺪ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺠﺎﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻭﻭﻛﻴﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻟﻴﺘﻔﻘﺪﺍ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺤﻘﺖ ﺑﺤﺪﻳﻘﺘﻬﻤﺎ
ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻭﻛﻴﻼ ﻟﻠﺘﺄﻣﻴﻦ ﺃﻥ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻪ ﺍﻧﻘﻠﻌﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ ﻭﺩﻣﺮﺕ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ!
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻟﻢ ﺗﺘﻀﺮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺛﺎﺑﺘﺔ!
ﻓﻮﺟﺊ ﻭﻛﻴﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺟﺮﻯ ، ﻓﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻭﺳﺄﻟﻪ:
ﻛﻼﻧﺎ ﺯﺭﻋﻨﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺭﻋﺎﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻚ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﺃﻧﻀﺮ ﻭﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻚ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﺣﻴﻦ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻳﻘﺘﻲ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﺭﺃﻳﺘﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺪﻣﺮﺕ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎﻡ!
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻚ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻊ ﺇﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻋﺎﻫﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻚ ﻭﺃﺩﻟﻠﻬﺎ ﻭﺃﻋﻄﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ!
ﻭﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻧﻘﻠﻌﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﻣﻦ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺗﻚ ﻭﺣﺪﻳﻘﺘﻚ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﻭﺣﺪﻳﻘﺘﻲ ﻓﻬﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺫﻟﻚ؟!
ﻭﻛﻴﻒ ﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ؟!”
ﺍﺑﺘﺴﻢ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ ﻭﻗﺎﻝ:
” ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻚ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺳﻬﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ.
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﺃﻧﺎ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻗﻞ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻓﺎﺿﻄﺮﺕ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﻟﻤﺪ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺑﻌﺪ ﻭﺃﺑﻌﺪ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﺘﺴﺪ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ؛ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺬﻭﺭ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﺃﻋﻤﻖ ﻭﺃﻃﻮﻝ ﻭﺃﻣﺘﻦ ﻭﻣﺘﻔﺮﻋﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﺃﺛﺒﺖ ﻭﺃﻗﻮﻯ؛ ﻭﻟﺬﺍ ﻧﺠﺖ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺼﻤﺪ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻚ ﺍﻟﻤﺪﻟﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻭﺿﻌﻴﻔﺔ ﻭﺗﺤﺘﺎﺝ ﻟﻤﻌﻴﻦ ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻧﺒﺎﺗﺎﺗﻲ!! “
* ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺔ *:
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺑﻮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ إﺫﺍ ﺗﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻟﻬﻢ، ﻓﻠﻦ ﻳﺪﺭﻛﻮﺍ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻥ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ، ﻭﺳﻴﺒﻘﻮﻥ ﻣﺘﻜﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺍﻫﻢ ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﻋﺒﺎﺀﻫﺎ ﻭﻟﻦ ﻳﻌﻮﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺒﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻜﺴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺑﻞ ﻟﻦ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ.
ﻓﻤﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺇﺭﺷﺎﺩﻫﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺇﻋﻄﺎﺋﻬﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺟﺎﻫﺰﻋﻠﻤﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﺸﻮﻥ ﻭﻻ ﺗﺤﻤﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﻲ ﻓﻴﻪ ، ﻧﻌﻢ ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻬﻢ ﻳﺘﺨﺒﻄﻮﻥ ﺃﻭ ﻳﺴﻴﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻃﺮﻳﻖ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻣشي ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ﻭﺩﻋﻬﻢ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺧﻄﺎﻙ!!