قال الله تعالى : فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ.
الحديث على لسان غراب ابني آدم كنت شاهد الإثبات الوحيد في أول جريمة قتل ترتكب على الأرض شاهدت أول دم انسانى يسفك غدرا وكنت اعرف ان الله سبحانه وتعالى يسمع ويرى ويشهد اعرف ان الشيطان السبب ما اغرب تصرفات الشيطان وما أسهل انقياد أبناء ادم له يحب الله الناس ويعصونه ويكرهون الشيطان ويطيعونه ما اغرب هذا النوع المسمى بالإنسان وما أفدح تناقضاته وما أعظم حلم الله عليه ورحمته به.
كانت الأرض سلاما عظيما قبل هبوط الإنسان فوقها كان بكاء ادم وحواء على الأرض مشهدا مؤثرا للغاية عرفت من صوت الدموع قدر الذنب ومعنى العصيان وصدق التوبة كانت دعوتهما معا لله ” ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” وضعت حواء اول بطن لها وكانت تضع في البطن الواحد ولدا وبنتا وفى البطن الثاني ولدا وبنتا وكان ولد البطن الأول يحل له بنت البطن الثانية ولدت حواء قابيل وأخته إقليما وولدت هابيل وأخته ليوثا كبر الإخوة معا كان احد الأخوين رقيقا كزنابق الحقل ويبدو الثاني قاسيا كشوك الجبال كان قابيل لا يشبه هابيل.
وكانت إقليما شقيقة قابيل لا تشبه ليوثا شقيقة هابيل كان قابيل أقسى من هابيل وكانت ليوثا اقل جمالا من إقليما وكان المفروض أن يتزوج هابيل من إقليما ويتزوج قابيل من ليوثا صرخ قابيل (وقد كان الشيطان يقف وراء كلماته) أنا خيرا من هابيل لن أتزوج ليوثا سأتزوج إقليما كانت معي في بطن واحدة وأنا أولى بها افهمه آدم أن أخته لا تحل له ورفض قابيل أن يتزحزح عن موقفه قال آدم لابنيه:
ليقرب كل منكما قربانا الى الله ومن يتقبل الله منه قربانه كان على الحق وتنحى آدم عن الفصل بينهما وترك ذلك للسماء جاء هابيل يحمل اسمن كباشه ووضعه على الجبل وصلى لله تعالى ان يتقبل وجاء قابيل بقمح لم يزل اخضر في سنابله لم ينضج بعد وقدم قربانه ومضى لم أكن اعرف كيف يتقبل الله تعالى القربان وقف الشقيقان بعيدا هبطت من السماء نار أكلت قربان هابيل إشارة الي القبول وصرخ هابيل وحمد الله وصرخ قابيل وفكر في القتل ويصرخ قابيل لاقتلنك قال هابيل لقابيل ان الله يتقبل من المتقين وان بسطت الي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك.
انى اخاف الله رب العالمين انى اريد ان تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ” أنصرف هابيل مع زوجته إقليما تزوجا وعاشا أياما وقد ظهرت عليها إعراض الحمل في نفس الوقت كانت نفس قابيل طوعت له قتل أخيه استلقى هابيل على الأرض بعد عمل يوم شاق واستغرق في النعاس انحدرت الشمس نحو الغرب وكان قد مات حمار في الغابة فأكلت السباع لحمه وأكلت النسور ماتبقى منه وشربت الأرض دمه وبقى فكه العظمى ملقى على الأرض حمل قابيل أول سلاح في الأرض وراح يمضى باحثا عن شقيقه ووجده نائما استيقظ هابيل من نومه وفتح عينيه ارتفعت يد قابيل بالفك العظمى وهوت بسرعة انبثق الدم من وجه هابيل وملأ صدر قابيل عادت اليد الآثمة تهوى على الوجه الطيب وفى الضربة الخامسة ارتطمت يد قابيل بطين الحقل سكنت حركة هابيل وأيقن قابيل أن أخاه قد مات جلس واجما أمام ضحيته لا يعرف ماذا يفعل به ولا يعرف كيف يتصرف.
وكان لنا معشر الغربان قوانيننا الخاصة بنا حين يغتصب احد الغربان عش الاخر أو يتعدى على طعامه أو يحاول اغتصاب أنثى غراب آخر فيتم الاقتصاص منه وقد كان بيننا غراب أدناه وحكم عليه بالقتل ونفذ فيه الحكم وقد وكلت بان احمله لدفنه في مكان بعيد لم أكن أنوى وأنا احمل الغراب القتيل بمنقاري أن اتجه نحو قابيل لكن أمر جليل يعلو على ادراكى ويوجه اجنحتى امرني به احد الملائكة الكرام أيها الغراب.
أن الله تبارك وتعالى يبعثك لترى ابن ادم كيف يوارى سوأة اخيه هبطت على الفور بحملي امام قابيل ووضعت الغراب الميت امامي ورحت احفر الأرض حفرت الأرض بمخالبي ومنقاري ساويت اجنحة الغراب الميت الى جواره رفعته بمنقاري في لحده صرخت صرختين قصيرتين ثم هلت التراب عليه بعدها نظرت لابن ادم وبعدها طرت في الهواء سمعت وانا اطير مبتعدا في السماء قول قابيل:
“يا ويلتا اعجزت ان اكون مثل الغراب فأوارى سوأة اخى” وكانت صرخة تحترق بالندم اكانت صرخي ندم لأنه جهل كيف يدفن أخيه؟ اكان نادما لأنه قتله بغير حق؟ لا اعرف كل ما اردت ان اعرفه هو حال زوجة هابيل ملاني السلام حين عرفت انها تنتظر الوضع اردت ان اطمئن على الجنس البشرى وأتاكد انه ينحدر من صلب رجل كريم يخاف الله اعرف ان أبناء قابيل القاتل سيملئون الأرض واعرف ان الصراع لن يتوقف بينهم وبين أبناء الشهيد الطيب وربما تتكرر مأساة الأب مع الابناء.