أبدع المسلمون في شتى نواحي الحياة وتنقل علماؤهم بين مختلف العلوم فقد تنوعت اهتماماتهم ما بين العلم الشرعي والقضاء وبين الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والفلك.
وأبدعوا في الاختراعات التي لم يسبقهم إليها أحد، لقد كان العالِم من علماء المسلمين موسوعة علمية ضخمة يتنقل بين مختلف التخصصات ويبدع بها جميعاً.
لقد كانت هممهم تُعانق السحاب وطموحاتهم لا يوقفها شيء، وهدفهم أن يضيئوا للبشرية طريقاً جديداً ليسلكوا من خلاله، ولا زالت أسماؤهم حاضرة بيننا حتى هذا اليوم.
العالم المسلم (ابن الهيثم) وبينما كان يجلى في غرفة مظلمة لاحظ أن النور يدخل من ثقب صغير في النافذة ويقع على الجدار المقابل.
فاهتم كثيرًا لهذا الأمر وبدأ يجري الدراسات على الضوء والعين من خلال حجرة مظلمة ونفّذ العديد من التجارب المختلفة على الأشخاص والمرايا والانكسار والانعكاس.
حتى أثبت بعد عدة تجارب أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين وليس العكس كما كان يعتقد العديد من العلماء السابقين.
ومن هذا الاكتشاف الذي خالف به كل آراء من سبقه انطلق ابن الهيثم وتعمق كثيرًا في موضوع الضوء والعين ودرس البصر دراسة وافية ووضع العديد من الأسس العلمية التي يُعمل بها في العديد الكليات الطبية.
حيث يُعتبر أول من قام بتشريح العين تشريحًا كاملا ووضح وظائف أعضائها ورسمها رسماً واضحًا، وقد أبدع في طب العيون والبحريات فبينما كان في مصر تحت الإقامة الجبرية عام ١٠١١ إلى ١٠٢١ ألّف أشهر كتبه كتاب (المناظر) والذي يتكون من سبعة مجلدات أغلبها تخصص في علم البصريات وتنوعت بين الفيزياء والرياضيات
يُعتبر هذا الكتاب من أهم الكشب في تاريخ تطور علم البصريات وجراحة العيون.
وُصف ابن الهيثم بأبي الفيزياء الحديثة ورائد المنح العلمي الحديث ومؤسس الفيزياء التجريبية ووصفه البعض بـ (العالم الأول) حتى أن تجاربه المستمرة في مجال الضوء والعين أدت إلى اكتشاف الكاميرا والتي تطورت حديثاً لتصبح عملية رقمية معقدة.
ألف ابن الهيثم العديد من الكتب في علم الرياضيات وعلم الفلك والطب والبصريات وغيرها، وقد ترجمت بعضًا منها إلى لغات مختلفة، ورغم أن العديد من كتبه فقدت مع الوقت إلا أن اسمه لا يزال يرفرف في سماء العلم، حيث أطلق اسمه على أحد الفجوات البركانية على سطح القمر وفي عام 1999 أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديثاً.
وفي باكستان أُطلق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان، وفي الثمانينيات من القرن الماضي وُضعت صورته على الدينار العراقي. وقد تأثر به العديد من مفكري القرن الثالث عشر مثل روجر بيكون وواتيلو وليوناردو دافينشي.
يقول جورج سارتون عن ابن الهيثم في كتابه مقدمة لتاريخ العلوم: (كان ابن الهيثم أعظم فيزيائي مسلم وأعظم دارس لعلم البصريات في زمنه.
وسواء كان الفيزيائيون يعملون في إنجلترا أو بعيدًا في بلاد فارس فإنهم جميعًا قد شربوا من النبع نفسه لقد أحدث ابن الهيثم تأثيرًا عظيمًا في الفكر الأوروبي من بيكون إلى كيبلر).