إنها المرحلة التي نكتشف بها كم هي تافهة هذه الحياة وأنها لاتستحق أن نحـولـهـا في لحظات اليأس إلى محرقة نلقي بأنفسنا فيها ونتحول بها إلى رماد.
إنها المرحلة التي نضحك فيها بصوت مرتفع حين نكتشف كم بالغنا في الثقة بأرواح لاتستحق الثقة، وفي حب أشياء لا تستحق كل هذا الحب منا إنها المرحلة التي نشعر فيها بالندم على خوض حكايات لاتليق بنا والخجل من علاقات مـا كـان يجب أن ننغمس لقاعها وعمقها!
إنهـا المرحلة التي نستنـد بـهـا على حيطان أحـزاننا وهزائمنا الخسائر بنا وحولنا فنكتشف بها ضخامة خسائرنا ونحصي العاطفية والنفسية والاجتماعية والمادية إنها المرحلة التي نرى بها الأشياء على حقيقتها بلا أقنعة وبلا رتوش وبلا أحـجـام مـبـالـغ بـهـا لأرواح نحن مـن حـولـهـم إلى عمالقة حين صدقنا أقنعة مواقفهم أمامنا.
إنها المرحلة التي ندخل بها في تحدي مع قلوبنا فتسقط منها من لا يستحق البقاء بها ونتجاهل استغاثات قلوبنا بأن لا نفعل.
إنها المرحلة التي نضع بهـا حـداً لكل الأشياء التي تؤلمنا والتي كلما حاولنا تحملها تألمنا أكثر فأكثر إنها المرحلة التي نقول بها (قف) لكل موقف كسرنا ولكل روح تمادت في إيذائنا ولـكـل حكاية سـرقت مما سرقت.
إنها المرحلة التي نفـقـد عندها قدرتنا على الغفران و التسامح والنسيان وعلى منح فرص إضافية لهم لبدايات جديدة إنهـا المرحلة التي نتـوقف بها عن تـبـريـر مـواقـفـنـا وكـلـمـاتـنا وتصرفاتنا وتفاصيلنا، وإثبات حسن نوايانا لأناس قضينا العمر نشرح ونفسر ونبرر لهم إنها المرحلة التي يكون لدينا فيها استعداد أن نقلب بساطهم في وجوههم.
وأن نواجههم ببشاعة أنفسهم وأن نصرخ بحقيقتهم في وجوههم دون أن نمنح ردات أفـعـالـهـم ذرة من أهمية إنها المرحلة التي نتمنى بها عودة الزمان كي نصلح أخطاء قلوبنا ونتـرك باقات الورد على أبواب أولئك الذين أحـبـونا ولم نشعر بهم.
إنها المرحلة التي نتمنى ان نقول فيها (نعم) لكل المواقف التي ظلمنا أنفسنا فيها حين قلنا (لا) وان نقول (لا) لكل المواقف التي ضعنا بعد ان قلنا فيها (نعم) إني أنثى الكتب فيها بعيداً.
إنها المرحلة التي نقترب فيها من أنفسنا كثيراً ونسترخي أصوات الضجيج وبعيداً عن دخانهم الذي يدمي أعيننا ويفضح نيرانهم لنا عن التي نحب فـيـهـا أنفسنا ونعيش من أجلنا ونغلق زر التفكير المرهق في عقولنا ونتخلص بهـا من كل القلق الذي زرعـه قـربـهـم منا في دواخلنا.
إنها المرحلة التي نطهر بها أيادينا من كل نجاسة اضطررنا يوما للاقتراب منها فلا نصافح أيد اضطرتنا المواقف لمصافحتها ولا نبتسم لأقنعة تلعننا وجوه أصحابها الحقيقية ونلعنها.
إنها المرحلة التي لا نتردد فيها بالتخلص من بقايا أناس نجحوا في أداء أدوار الـفـرسـان في حكايات كاذبة سلبت من أحلامنا أجملها ومن العمر أطهره!
انها المرحلة التي نتـحـرر فـيـهـا مـن قـيـودهم ومن أكاذيبهم الملونة ونتخفف فيها من أعباء إضطررنا لحملها من أجلهم ومـن همـوم ابتلعناها كي نـوفـر لـهـم مـسـاحـات من الأمن والأمان.
إنها المرحلة التي نوقف بها مسلسل الذل والمهانات ونغادر بها أسوار حكاية فاشلة ونكتفي بالقدر الذي سفك من أعمارنا على أبوابها إنها المرحلة التي نغادر فيها محطات أرهقنا الوقوف عليها ودمر نفسياتنا مرور قطارات العمر من فوقها فنطير بها بلا أجنحة ونغادر بلا تردد.