كان هناك رجل سِكّير دعا قوماً من أصحابه ذات يوم فجلسوا ثم نادي علي خادمه ودفع إليه أربعة دراهم وأمره أن يشتري بها شيئاً من الفاكهة للمجلس وفي أثناء سير الخادم مر بالزاهد منصور بن عمار وهو يقول:
من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب دعوت له أربع دعوات؟ فأعطاه الغلام الدراهم الأربعة فقال له منصور بن عمار: ماذا تريد أن أدعو لك؟
فقال الغلام: لي سيد قاسٍ أريد أن أتخلص منه والثانية : أن يخلف الله عليّ الدراهم الأربعة والثالثة أن يتوب الله علي سيدي والرابعة:
أن يغفر الله لي ولسيدي ولك وللقوم فدعا له منصور بن عمار وانصرف الغلام ورجع إلي سيده الذي نهره وقال له: لماذا تأخرت وأين الفاكهة؟
فقصّ عليه مقابلته لمنصور الزاهد وكيف أعطاه الدراهم الأربعة مقابل أربع دعوات فسكن غضب سيده وقال: ما كانت دعوتك الأولي؟
قال: سألت لنفسي العتق من العبودية فقال السيد: قد أعتقتك فأنت حر لوجه الله تعالي وما كانت دعوتك الثانية؟ قال: أن يخلف الله عليّ الدراهم الأربعة.
قال السيد: لك أربعة ألاف درهم قال: وما كانت دعوتك الثالثة؟ قال: أن يتوب الله عليك فطأطأ السيد رأسه وبكي وأزاح كئوس الخمر وكسرها وقال: تبت إلي الله لن أعود أبداً.
ثم قال: فما كانت دعوتك الرابعة؟ قال: أن يغفر الله لي ولك وللقوم قال السيد: هذا ليس إليّ وإنما هو للغفور الرحيم فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفاً يهتف به:
أنت فعلت ما كان إليك أتظن أنّا لا نفعل ما كان إلينا لقد غفر الله لك وللغلام ولمنصور بن عمار ولكل الحاضرين.
كان يحيى بن معاذ الرازي يقول: إلهي أسألك تذللا، فأعطني تفضلا ويقول: كيف أمتنع بالذنب من الدعاء ولا أراك تمتنع بالذنب من العطاء؟
ويقول: لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت، وقد سددت طرقها بالذنوب وعن محمد بن حامد قال: قلت لأبي بكر الوراق: علمني شيئا يقربني إلى الله تعالى ويقربني من الناس، فقال:
أما الذي يقربك إلى الله فمسألته، وأما الذي يقربك من الناس فترك مسألتهم صدقة لا رياء فيها، ودعوة صادقة، كانت سببا في الهداية والمغفرة بإذن الله.