هل قائمة الامنيات شبيهة بقائمة المشتريات وهل قائمة الامنيات تموت ؟
في المراحل الخضراء من العمر نرسم أحلامنا على ورقة بيضاء ونصدق ان الحياة لوحة جميلة، وأننا سنحياها كما نرسمها فنرسم في طفولتنا شجرة ، وبحراً ، وعصافير بيضاء وقطعة شوكولاته ، ودمية قطنية ، وطائرة ورقية ونرسم في مراهقتنا وردة وقلب وقمر، ونوافذ وناي وسهر. وأول حرف من اسم حبيب منتظر وحين نكبر أكثر ونلمح الجزء الأكبر من الوجه الحقيقي للحياة نبدأ بتسجيل أمنياتنا في خيالنا .. حتى تتكون لدينا قائمة من الأمنيات الجميلة ترتب فيها أحلامنا حسب الأولوية و الأهمية .
ولا نلمح مساحة المستحيل فيها إلا عند اقترابنا منها كثيرة أو عند تعرضها لضوء الواقع بشدة وحين نكبر أكثر وأكثر ويسقط القناع الجميل من وجه الحياة ونلمح وجهها الحقيقي بأكمله فندرك أنها لاتشبه تلك اللوحة الجميلة التي كنا نرسمها في العمر الأول وأن في الحياة أشياء أخرى. غير البحر الأزرق والقارب البني و الشجرة الخضراء فنتفقد قائمة أمنياتنا, لنكتشف تسرب بعضها وذبول بعضها ووهن بعضها الآخر. فنبتسم بسخرية وبحنين وربما بغصة, شبه غصة اضطرارنا إلى فتح باب القفص وإطلاق العصفور المتبقي .
فبعض الأمنيات نطلق سراحها من قائمتنا كالعصافير البيضاء وتلوح لها مودعين بألم لأن قفص حياتنا لايتسع لها .. فنمنحها الحرية بعيدة عن هزيمتنا. ففي الغالب نحن لا نلتزم ببنود قائمة الأمنيات فأحلام تسقط منا على قارعة طريق العمر وأحلام تسقط منا أمام بوابة النصيب وأحلام تسحبها رياح الظروف معها حيث تتجه وأحلام تجنيها من المواقف ، وأحلام تهديها إلينا الحياة وأحلام تعلقها لنا الأقدار على أبواب أعمارنا.
ونحن كان في قائمة أمنياتنا أن نكبر معاً أن نشيب معا ، أن ننحني معا .. أن نسير على ثلاث معاً أن نتوهم أمراض الكبر معاً، أن نتعالج معا ، أن نسهر على ذكرياتنا مع أن نستمع إلى أغانينا القديمة معة ، أن نغير مقاسات نظاراتنا الطبية معا أن نقرأ كتبنا بصعوبة معا .. أن نجاهد لإدخال الخيط بالإبرة معاً. أن نحفظ مواعيد الأدوية معاً ، أن نزور محل العطارة معا أن نؤمن بفوائد الأعشاب معاً، نسترجع تفاصيل زمننا الجميل معاً.
لكن كبر كلانا بعيداً عن الأخر شاب وحده، وانحنى وحده، ومرض وحده. واستمع إلى أغانيه القديمة وحده ، وجاهد لإدخال الخيط بالإبرة وحده وزار محل العطار لإصلاح ما أفسده الدهر وحده وبقي الأخر تلك الذكرى الجميلة من تلك الأيام التي تصنف في قائمة العمر, بأجمل العمر.. ولم نكن وحدنا المطرودين من جنة الأمنيات فأغلب الذين إحتوت قائمة أمنياتهم على العاطفة النبيلة والورد الأحمر وأغاني الحب وحبات المطر ….. أحبطوا !
وتحولت قائمة أمنياتهم إلى مجرد سطور على ورق فهذا الوقت البارد لم يعد يبيع هذه التفاصيل الدافئة.