أمومة القلب هي تلك الأمومة التي تعيشها القلوب بعيداً عن الأجسام
أمومة القلب شعور تعرفه فتاة لم ينجب جسدها لكن قلبها أنجب من الأبناء الكثير ففي أوراقها الرسمية هي ليست أماً لكنها تستحق التكريم إنها تلك الأنثى التي أنجب قلبها ولم ينجب جسدها إنها الأنثى الساقطة عمداً من قوانين الحياة وأوراق القرارات الرسمية فدائما يحتفلون بالمرأة الأم .. ويهتمون بالمرأة المتزوجة وأغلب مناقشاتهم عن دور الأم العظيم في تربية أطفالها وعن أهمية مراعاة العاملة المتزوجة وعن حقوق كثيرة تتمتع بها المرأة الأم و المتزوجة.
لكن هل سأل أحدكم نفسه يوماً ماذا عن المرأة العاملة الغير متزوجة، الا يتسلل إليها وهن الوظيفة وإرهاق العمل، الا تصاب بالمرض وبالإرهاق الصحي وتحتاج إلى مراعاة وتفهُم لمعناتها. ألا تمر بإرهاق نفسي وتحتاج إلى الاسترخاء والنقاهة بين فترة وأخرى ؟ هل خلقت هذه الأنثى من مواد مختلفة فلا تكل ولاتمل ولا تتعب؟ فلماذا لا نعيد حساباتنا من منطلق أن الأم الحقيقية ليست التي أنجبت. بل هي التي ربت ورعت وما أكثرهن!
ما أكثر النسوة اللواتي لم ينجبن .. لكنهن مارسن في الحياة دور ( أم ) حقيقية من وهن وتعب وسهر وقلق .. وتضحية ففي أغلب المنازل هناك ( عمة ) أو ( خالة ) لم تتزوج ولم تنجب. لكنها ( ربت ورعت وأدبت ) وكانت الأم الحقيقية للكثير من الإخوة والأبناء الذين لم تلدهم. هذه الإنسانة هي وطن من تضحيات لاتنتهي فهي الفتاة التي تمارس دور الابنة والأم والأب بين أرواح تحتاج وجودها لتستمر بهم الحياة وهي الفتاة التي تمنح الآخرين من وقتها واهتمامها وصحتها الكثير.
وتستقبل ضغوط الحياة بصمت. وهي الأم السرية أو غير السرية لأبناء إخوتها وهي قيثارة الإيثار تسفك أجمل العمر في رعاية أب مسن وأم وهنة وأخوة وصغارهم وهي سقف الأمان. تؤدي دور الرجل في بيت أهلها في وجود أب مسن, وإخوة سرقتهم مشاغل الحياة, إنها الفتاة التي تمتليء قائمة هاتفها بأسماء الطبيب والمهندس والميكانيكي وصاحب المطعم ومعلم الدروس الخصوصية ) إنها الإنسانة التي تقترض من البنك وتقتطع من راتبها كي تمنح أحبتها حياة كريمة وترسم في قلوبهم فرحة بيضاء.
هي الإنسانة التي تستيقظ في الليل على اتصال والد مسن أو أم مريضة لتكمل بقية ليلها في غرف المشفى وأقسام الطوارىء, هي الإنسانة التي قد تبكي وحيدة وتحزن وحيدة وتتألم وحيدة کي تبقى في أنظارهم جدار القوة الذي يستندون في لحظات ضعفهم إليه هي الإنسانة التي لا تنتظر أن يكبر الصغار كي يردوا لها الجميل أو كي تستند في أرذلها عليهم هي الإنسانة التي تحتفظ بأحلامها في داخلها وتكتفي بإخراج أحلامهم إلى النور هذه الإنسانة ألا تستحق التكريم؟
ألا تستحق كلمة تشعرها أن سنوات تضحياتها لم تذهب هباء منثوراً؟ بحثوا عن هذه الانسانة في حياتكم فحتماً أغلبنا إن لم يكن جميعنا سنكتشف وجودها في محيطنا فلنحمل لها قلوبنا مغلفة بهدايا حب تشعرها بأنها تلك الروح التي لا يمكننا أن نستغني عنها في حياتنا ولنتذكرها بشيء بسيط كما تذكرتنا دائما بأشياء عميقة لا تقدر بثمن إليك سلامنا.